إن قوات الأمن العراقية المختلفة والجماعات شبه العسكرية والميليشيات عرضةٌ للانقسام، لكنها تتوحد لحماية النظام السياسي، سواءً كان مهدداً من قبل تنظيم الدولة الإسلامية أو بحركةٍ احتجاجيةٍ جماهيريةٍ سلميةٍ.
في ساعةٍ متأخرةٍ من مساء يوم 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2021، ضربت طائرةٌ مُسيَّرةٌ محملةٌ بالمتفجرات منزلَ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فأدت محاولة الاغتيال إلى إصابة عددٍ من حراس الأمن لكن الكاظمي نفسه لم يُصَب بأذىً، ومع ورود تفاصيل الهجوم، اتضح أن الضربة لم تكن محاولةً حقيقيةً لاغتيال رئيس الوزراء، بل كانت لتوجيه رسالةٍ. انتشرت شبكاتٌ مسلحةٌ مرتبطةٌ بوحدات الحشد الشعبي رداً على انتخابات تشرين الأول / أكتوبر 2021 التي خسر فيها تحالفُ الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي، مقاعدَ كثيرةً لصالح منافسه التيار الصدري. وردّاً على ذلك أرسل تحالفُ الفتح محتجين لاحتلال جزءٍ من المنطقة الخضراء في بغداد، وهي منطقةٌ محصنةٌ تقع وسط المدينة وتضم مكاتبَ حكوميةً وممثلياتٍ دوليةً، فاشتبكت قوات الأمن مع المتظاهرين وقُتل العديد منهم. مهّد هذا العنفُ الطريقَ لمحاولة الاغتيال التي نَسبتها إدارة الكاظمي إلى فصائل الحشد الشعبي رغم أن المهاجمين لم تُحدد هوياتهم بعد.
كانت عملية تشكيل الحكومة التي أعقبت انتخاباتِ تشرين الأول / أكتوبر 2021 هي الأكثر عنفاً منذ تغيير النظام في عام 2003. فإلى جانب الهجوم على مقر إقامة رئيس الوزراء، تضمنت العملية هجماتٍ على مكاتب الأحزاب السياسية، واغتيالاتٍ متبادلةً في جنوب العراق.
لكن هذا العنف اتبع منطقاً مترسخاً في الدولة العراقية بعد عام 2003. فمنذ عام 2003 والعنف أداةٌ مهمةٌ في التنافس على سلطة الدولة، ولا غنى للنخبة الحاكمة عنه لتحقيق النفوذ العام؛ فإذا لم يفز أحد الأطراف بعددٍ كافٍ من الأصوات وخسر بعضاً من رأسماله السياسي، فلا يزال بإمكانه الاعتماد على وصوله إلى الأسلحة ورأس المال القهري – أي استخدام العنف – للاحتفاظ بمقعده على طاولة المفاوضات.
قامت الدولة العراقية بعد عام 2003 على أساس اتفاقٍ نخبويٍ لتقاسم السلطة بين الجماعات الإسلاموية الشيعية المعارضة والجماعات القومية الكردية. كان لدى قادة العراق الجدد، والذين كان كثيرٌ منهم يعودون إلى بغداد للمرة الأولى بعد عقودٍ، رؤيةٌ محددةٌ لكيفية دمج العنف في النظام السياسي الجديد، وكانت أولويتهم منعَ ظهور رجلٍ عسكريٍّ قويٍّ آخر مثل صدام حسين. أضف إلى ذلك أن الوصول إلى الأسلحة الخاصة يمكن أن يضمن حصولَ القيادة الجديدة على سلطة الدولة والحفاظ عليها، ولذا رفضت القيادة الجديدة دمج قواتها بالكامل في الأجهزة الحكومية، سواءً دمج الجماعات المسلحة الشيعية في الحكومة المركزية، أو دمج قواتِ البيشمركة الكرديةَ المقاتلةَ في حكومة إقليم كردستان.
صُمم هذا النوع من العنف الشامل سياسياً في العراق الجديد لخدمة وظيفتين أساسيتين: التفاوض على السلطة السياسية، وحماية التسوية السياسية القائمة على التوافق ضد التهديدات الداخلية والخارجية. يختلف هذا العنف الشامل سياسياً عن العنف الذي يتعارض مع النظام، مثل حركات التمرد وجماعاتٍ مثل تنظيم الدولة الإسلامية، كما أنه يختلف عن الحرب الأهلية لأنه لا يزال يسعى للحفاظ على اتفاق النخبة القائم. وبدلاً من تقويض النظام القائم، فإن الضالعين في استخدام هذا العنف يستخدمونه للحفاظ على مكانة النخبة في النظام.
إعادة التفكير في طبيعة العنف
في كل مرةٍ تندلع فيها أعمالُ عنفٍ من قبل الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، تتنبأ زمرةٌ معتادةٌ من المحللين بنشوب حربٍ أهليةٍ وشيكةٍ، غير أن البلاد لم تشهد حرباً شيعيةً داخليةً منذ عام 2008، ولا يعني ذلك أنه لم يكن هناك عنفٌ بين الشيعة، ففي الجولة الأخيرة أدت كلٌّ من احتجاجات تحالف الفتح واحتجاجات التيار الصدري ضد انتخابات 2021 وعملية تشكيل الحكومة إلى أعمال عنفٍ وحتى وفياتٍ، مما أثار أحدثَ التوقعات بنشوب حربٍ أهليةٍ وشيكةٍ، لكن حرباً أهليةً لم تندلع قط، وبدلاً من ذلك خلق الاتفاق بين النخبة الحاكمة، والذي يقوم عليه النظام، عنفاً مصمماً ليكون شاملاً سياسياً. في نظام ما بعد عام 2003، يمكن لكل حزبٍ شيعيٍّ استخدام رأسماله القهري (أو العنف) للتنافس على سلطة الدولة، لكنه أقل قدرةً على استخدامه ضد الدولة نفسها.
وبدلاً من محاربة الدولة، طوّرت الأحزاب الإسلاموية الشيعية رأسمالها القهري للدفاع عن النظام، وما تشكيلُ وحدات الحشد الشعبي سوى شهادةٍ على هذه الحقيقة، ففي عام 2014 عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي العراقية، قامت المجموعاتُ المختلفةُ التي شكلت تاريخياً الشبكاتِ العسكريةَ الشيعيةَ بتجميع نفسها سويًا لكي ترد على التهديد. وبعد سنواتٍ، عندما جاء التهديد من الداخل حين دعا الشباب العراقي – وكثيرٌ منهم شيعةٌ – إلى ثورةٍ، اتحدت هذه الجماعات مرةً أخرى مع الدولة لحماية النظام. في هذه المرحلة كانت وحدات الحشد الشعبي مدمجةً بقوةٍ في الدولة العراقية تحت مظلة مجلس الأمن القومي.
ركز كثيرٌ من صانعي السياسة الدوليين ممن يعملون على تحقيق الاستقرار في العراق على إصلاح قطاع الأمن، وسعَوا إلى دمج الشبكات التاريخية للجماعات المسلحة الشيعية في الأجهزة الحكومية، مسترشدين في ذلك بالأفكار المركّزة على احتكار الدولة للعنف المشروع. سعت الولايات المتحدة ومنظماتٌ دوليةٌ أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في بغداد إلى دمج الجماعات المسلحة التابعة لوحدات الحشد الشعبي في هيكل قيادةٍ حكوميٍّ عراقيٍّ موحَّدٍ؛ بيْد أنّ أيّاً من هذه المحاولات لم تنجح لأنها تتعارض مع المنطق الذي قامت عليه الدولة العراقية بعد عام 2003.
يجب تصميم تدخلات السياسة على أساس فهم للدولة كما يلخصه هذا التقرير. لن ينجح دمج الجماعات المسلحة الشيعية في الحكومة لأنه سيتطلب تغيير طبيعة النظام نفسه. بدلاً من ذلك، ونظراً لكيفية توطد النظام، يجب أن تركز السياسة على محاسبة النظام ونهره عن أسوأ تجاوزاته، وذلك أن النخبة الحاكمة في العراق تعتمد على العنف للدفاع عن الدولة ضد السكان الذين تزداد خيبة أملهم يوماً بعد يومٍ.
هذا التعليق المترجم هو نسخةٌ مختصرةٌ عن تقريرٍ لمركز القرن للبحوث والسياسات الدولية بعنوان“ منطق العنف الشيعي-الشيعي في العراق”. نُشر التقرير ضمن مشروعٍ أطلقته مؤسسة القرن بعنوان “نضوج السلطة الشيعية: تحول السياسة الإسلاموية في العراق، 2003-2023″، ويدرس التحولَ الجذري الذي طرأ على السياسة الإسلاموية الشيعية في العراق على مدى العقدين الماضيين. نأمل أن يساعد هذا البحث في تعزيز فهم السياسة والإسلاموية الشيعية، وعلى نطاقٍ أوسع، السياسة الدينية في الشرق الأوسط بين صانعي السياسة والباحثين وحتى الفاعلين السياسيين أنفسهم. يمكن مطالعة التقارير الأصلية باللغة الإنجليزية على موقع مؤسسة القرن.
هذا التقرير جزءٌ من مشروع “الإيمان والتصدع”، وهو أحد مشاريع مركز القرن للبحوث والسياسات الدولية بدعمٍ من “مؤسسات المجتمع المفتوح” ومؤسسة هنري لوس.
ريناد منصور هو كبير الباحثين في زمالة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاثام هاوس ومدير مشروع مبادرة العراق في نفس المؤسسة. يعمل ريناد كزميل في مبادرة كامبريدج للأمن وكبير زملاء الباحثين في الجامعة الأمريكية في العراق، السليمانية. قبل ذلك، عمل ريناد كمحاضر بجامعة لندن للاقتصاد، حيث قام بتدريس العلاقات الدولية في الشرق الأوسط لطلاب الدراسات العليا، هذا بالإضافة لعمله في جامعة كامبريدج كمُحاضر بكلية الدراسات الدولية ومشرف في كلية السياسة. قام ريناد بالمشاركة في تأليف كتاب بعنوان “ذات مرة في العراق”، وهو كتاب نشرته دور نشر بنجوين بريس وبي بي سي مصاحبةً لمسلسل وثائقي تحت نفس العنوان.
التسمية التوضيحية: شابٌّ عراقيٌّ يشارك في احتجاجات حركة تشرين يرمي قواتِ الأمن العراقية بحجارة مقلاعٍ بالقرب من جسر السنك في بغداد يوم 15 تشرين الثاني / نوفمبر 2019. المصدر: إيرين تريب / Getty Images
Tags: iraq, Shia
منطق العنف الشيعي-الشيعي في العراق
إن قوات الأمن العراقية المختلفة والجماعات شبه العسكرية والميليشيات عرضةٌ للانقسام، لكنها تتوحد لحماية النظام السياسي، سواءً كان مهدداً من قبل تنظيم الدولة الإسلامية أو بحركةٍ احتجاجيةٍ جماهيريةٍ سلميةٍ.
في ساعةٍ متأخرةٍ من مساء يوم 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2021، ضربت طائرةٌ مُسيَّرةٌ محملةٌ بالمتفجرات منزلَ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فأدت محاولة الاغتيال إلى إصابة عددٍ من حراس الأمن لكن الكاظمي نفسه لم يُصَب بأذىً، ومع ورود تفاصيل الهجوم، اتضح أن الضربة لم تكن محاولةً حقيقيةً لاغتيال رئيس الوزراء، بل كانت لتوجيه رسالةٍ. انتشرت شبكاتٌ مسلحةٌ مرتبطةٌ بوحدات الحشد الشعبي رداً على انتخابات تشرين الأول / أكتوبر 2021 التي خسر فيها تحالفُ الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي، مقاعدَ كثيرةً لصالح منافسه التيار الصدري. وردّاً على ذلك أرسل تحالفُ الفتح محتجين لاحتلال جزءٍ من المنطقة الخضراء في بغداد، وهي منطقةٌ محصنةٌ تقع وسط المدينة وتضم مكاتبَ حكوميةً وممثلياتٍ دوليةً، فاشتبكت قوات الأمن مع المتظاهرين وقُتل العديد منهم. مهّد هذا العنفُ الطريقَ لمحاولة الاغتيال التي نَسبتها إدارة الكاظمي إلى فصائل الحشد الشعبي رغم أن المهاجمين لم تُحدد هوياتهم بعد.
كانت عملية تشكيل الحكومة التي أعقبت انتخاباتِ تشرين الأول / أكتوبر 2021 هي الأكثر عنفاً منذ تغيير النظام في عام 2003. فإلى جانب الهجوم على مقر إقامة رئيس الوزراء، تضمنت العملية هجماتٍ على مكاتب الأحزاب السياسية، واغتيالاتٍ متبادلةً في جنوب العراق.
لكن هذا العنف اتبع منطقاً مترسخاً في الدولة العراقية بعد عام 2003. فمنذ عام 2003 والعنف أداةٌ مهمةٌ في التنافس على سلطة الدولة، ولا غنى للنخبة الحاكمة عنه لتحقيق النفوذ العام؛ فإذا لم يفز أحد الأطراف بعددٍ كافٍ من الأصوات وخسر بعضاً من رأسماله السياسي، فلا يزال بإمكانه الاعتماد على وصوله إلى الأسلحة ورأس المال القهري – أي استخدام العنف – للاحتفاظ بمقعده على طاولة المفاوضات.
قامت الدولة العراقية بعد عام 2003 على أساس اتفاقٍ نخبويٍ لتقاسم السلطة بين الجماعات الإسلاموية الشيعية المعارضة والجماعات القومية الكردية. كان لدى قادة العراق الجدد، والذين كان كثيرٌ منهم يعودون إلى بغداد للمرة الأولى بعد عقودٍ، رؤيةٌ محددةٌ لكيفية دمج العنف في النظام السياسي الجديد، وكانت أولويتهم منعَ ظهور رجلٍ عسكريٍّ قويٍّ آخر مثل صدام حسين. أضف إلى ذلك أن الوصول إلى الأسلحة الخاصة يمكن أن يضمن حصولَ القيادة الجديدة على سلطة الدولة والحفاظ عليها، ولذا رفضت القيادة الجديدة دمج قواتها بالكامل في الأجهزة الحكومية، سواءً دمج الجماعات المسلحة الشيعية في الحكومة المركزية، أو دمج قواتِ البيشمركة الكرديةَ المقاتلةَ في حكومة إقليم كردستان.
صُمم هذا النوع من العنف الشامل سياسياً في العراق الجديد لخدمة وظيفتين أساسيتين: التفاوض على السلطة السياسية، وحماية التسوية السياسية القائمة على التوافق ضد التهديدات الداخلية والخارجية. يختلف هذا العنف الشامل سياسياً عن العنف الذي يتعارض مع النظام، مثل حركات التمرد وجماعاتٍ مثل تنظيم الدولة الإسلامية، كما أنه يختلف عن الحرب الأهلية لأنه لا يزال يسعى للحفاظ على اتفاق النخبة القائم. وبدلاً من تقويض النظام القائم، فإن الضالعين في استخدام هذا العنف يستخدمونه للحفاظ على مكانة النخبة في النظام.
إعادة التفكير في طبيعة العنف
في كل مرةٍ تندلع فيها أعمالُ عنفٍ من قبل الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، تتنبأ زمرةٌ معتادةٌ من المحللين بنشوب حربٍ أهليةٍ وشيكةٍ، غير أن البلاد لم تشهد حرباً شيعيةً داخليةً منذ عام 2008، ولا يعني ذلك أنه لم يكن هناك عنفٌ بين الشيعة، ففي الجولة الأخيرة أدت كلٌّ من احتجاجات تحالف الفتح واحتجاجات التيار الصدري ضد انتخابات 2021 وعملية تشكيل الحكومة إلى أعمال عنفٍ وحتى وفياتٍ، مما أثار أحدثَ التوقعات بنشوب حربٍ أهليةٍ وشيكةٍ، لكن حرباً أهليةً لم تندلع قط، وبدلاً من ذلك خلق الاتفاق بين النخبة الحاكمة، والذي يقوم عليه النظام، عنفاً مصمماً ليكون شاملاً سياسياً. في نظام ما بعد عام 2003، يمكن لكل حزبٍ شيعيٍّ استخدام رأسماله القهري (أو العنف) للتنافس على سلطة الدولة، لكنه أقل قدرةً على استخدامه ضد الدولة نفسها.
وبدلاً من محاربة الدولة، طوّرت الأحزاب الإسلاموية الشيعية رأسمالها القهري للدفاع عن النظام، وما تشكيلُ وحدات الحشد الشعبي سوى شهادةٍ على هذه الحقيقة، ففي عام 2014 عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي العراقية، قامت المجموعاتُ المختلفةُ التي شكلت تاريخياً الشبكاتِ العسكريةَ الشيعيةَ بتجميع نفسها سويًا لكي ترد على التهديد. وبعد سنواتٍ، عندما جاء التهديد من الداخل حين دعا الشباب العراقي – وكثيرٌ منهم شيعةٌ – إلى ثورةٍ، اتحدت هذه الجماعات مرةً أخرى مع الدولة لحماية النظام. في هذه المرحلة كانت وحدات الحشد الشعبي مدمجةً بقوةٍ في الدولة العراقية تحت مظلة مجلس الأمن القومي.
ركز كثيرٌ من صانعي السياسة الدوليين ممن يعملون على تحقيق الاستقرار في العراق على إصلاح قطاع الأمن، وسعَوا إلى دمج الشبكات التاريخية للجماعات المسلحة الشيعية في الأجهزة الحكومية، مسترشدين في ذلك بالأفكار المركّزة على احتكار الدولة للعنف المشروع. سعت الولايات المتحدة ومنظماتٌ دوليةٌ أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في بغداد إلى دمج الجماعات المسلحة التابعة لوحدات الحشد الشعبي في هيكل قيادةٍ حكوميٍّ عراقيٍّ موحَّدٍ؛ بيْد أنّ أيّاً من هذه المحاولات لم تنجح لأنها تتعارض مع المنطق الذي قامت عليه الدولة العراقية بعد عام 2003.
يجب تصميم تدخلات السياسة على أساس فهم للدولة كما يلخصه هذا التقرير. لن ينجح دمج الجماعات المسلحة الشيعية في الحكومة لأنه سيتطلب تغيير طبيعة النظام نفسه. بدلاً من ذلك، ونظراً لكيفية توطد النظام، يجب أن تركز السياسة على محاسبة النظام ونهره عن أسوأ تجاوزاته، وذلك أن النخبة الحاكمة في العراق تعتمد على العنف للدفاع عن الدولة ضد السكان الذين تزداد خيبة أملهم يوماً بعد يومٍ.
هذا التعليق المترجم هو نسخةٌ مختصرةٌ عن تقريرٍ لمركز القرن للبحوث والسياسات الدولية بعنوان“ منطق العنف الشيعي-الشيعي في العراق”. نُشر التقرير ضمن مشروعٍ أطلقته مؤسسة القرن بعنوان “نضوج السلطة الشيعية: تحول السياسة الإسلاموية في العراق، 2003-2023″، ويدرس التحولَ الجذري الذي طرأ على السياسة الإسلاموية الشيعية في العراق على مدى العقدين الماضيين. نأمل أن يساعد هذا البحث في تعزيز فهم السياسة والإسلاموية الشيعية، وعلى نطاقٍ أوسع، السياسة الدينية في الشرق الأوسط بين صانعي السياسة والباحثين وحتى الفاعلين السياسيين أنفسهم. يمكن مطالعة التقارير الأصلية باللغة الإنجليزية على موقع مؤسسة القرن.
هذا التقرير جزءٌ من مشروع “الإيمان والتصدع”، وهو أحد مشاريع مركز القرن للبحوث والسياسات الدولية بدعمٍ من “مؤسسات المجتمع المفتوح” ومؤسسة هنري لوس.
ريناد منصور هو كبير الباحثين في زمالة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاثام هاوس ومدير مشروع مبادرة العراق في نفس المؤسسة. يعمل ريناد كزميل في مبادرة كامبريدج للأمن وكبير زملاء الباحثين في الجامعة الأمريكية في العراق، السليمانية. قبل ذلك، عمل ريناد كمحاضر بجامعة لندن للاقتصاد، حيث قام بتدريس العلاقات الدولية في الشرق الأوسط لطلاب الدراسات العليا، هذا بالإضافة لعمله في جامعة كامبريدج كمُحاضر بكلية الدراسات الدولية ومشرف في كلية السياسة. قام ريناد بالمشاركة في تأليف كتاب بعنوان “ذات مرة في العراق”، وهو كتاب نشرته دور نشر بنجوين بريس وبي بي سي مصاحبةً لمسلسل وثائقي تحت نفس العنوان.
التسمية التوضيحية: شابٌّ عراقيٌّ يشارك في احتجاجات حركة تشرين يرمي قواتِ الأمن العراقية بحجارة مقلاعٍ بالقرب من جسر السنك في بغداد يوم 15 تشرين الثاني / نوفمبر 2019. المصدر: إيرين تريب / Getty Images
Tags: iraq, Shia